روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد


  حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد
     عدد مرات المشاهدة: 2653        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد جاء حث الشارع على تربية الأبناء منذ الصغر على تأدية العبادات وسائر الأخلاق والفضائل من الأعمال، وما ذاك إلا لتهيئتهم لممارستها والإلتزام بها إذا بلغوا سن التكليف، وفى ذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع وإضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أبو داود بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وثبت أن الصحابة عندما فرض الصيام كانوا يصومون أطفالهم، ويحضرون لهم كرات الصوف ليتسلوا بها حتى يحين وقت الإفطار، كما رواه البخاري ومسلم عن الربيِّع بنت معوِّذ.

وكما هو معلوم فإن من الشعائر الدينية ما يكون تأديته جماعة مع المسلمين، وقد لا تتحقق مقاصده إلا بتأديته جماعة، كالصلاة وغيرها، وشهود الأطفال لمثل هذه الشعائر يربي في نفوسهم روح الإجتماع، وإجتماع الكلمة، والتعاون، وما يصحب ذلك من الأنشطة التي تقام في المسجد التي تؤثر في سلوكهم وتغرس فيهم المعاني العظيمة.

وعند الحديث عن إصطحاب الأطفال إلى المساجد نجد الفقهاء رحمهم الله لم يغفلوا من ذكر أحكام ذلك في أبواب الصلاة، وباب صلاة الجماعة خاصة، فنجدهم يتحدثون عن ترتيب صفوف الجماعة، فيذكرون أن الرجال يكونوا في الصف الأول، ثم يليهم الصبيان، ثم يليهم النساء، إستشهادا بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم ثلاثاً، وإياكم وهيشات الأسواق» رواه مسلم 432 وفي الشرح الممتع لابن عثيمين 4/277 قوله: ويليه الرجال ثم الصبيان ثم النساء، يليه أي: يلي الإِمامَ في الصَّفِّ إذا إجتمعَ رجالٌ ونساءٌ صغارٌ أو كبارٌ الرجال وهم: البالغون، لأن وَصْفَ الرَّجُلِ إنما يكون للبالغ، فإذا أرادوا أن يصفُّوا تقدَّمَ الرِّجالُ البالغون ثم الصبيانُ، ثم النساءُ في الخلفِ.

والمتتبع لأحاديث الباب يقف على حديث وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءَكُمْ، وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ» وهذا الحديث كما ذكر العلماء قد أخرجه ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع ورواه الطبرانى فى معجمه الكبير عن أبى الدرداء وأبي أمامة وواثلة، ورواه أيضا فى الكبير بتقديم وتأخير من رواية مكحول عن معاذ ولم يسمع منه، هكذا قال الحافظ المنذري في كتابه       -الترغيب والترهيب- لكن مع كون الحديث ضعيفا إلا أنه يمكن قبوله بقيد وشرط على قاعدة قبول الحديث الضعيف في فضائل الأعمال التي منها المحافظة على نظافة المسجد، وأن تكون أجواء المسجد يسودها الهدوء والخشوع والسكينة حتى يتمكن الناس من تأدية عباداتهم على أكمل وجه، وحتى لا يكون هناك تعارض بين صلاة الصبيان فى المساجد والأمر بإبعادهم عنها قال العلماء: إن التجنيب يكون للأطفال غير المميزين الذين يكثر منهم العبث، أما المميزون العقلاء فلا بأس بإصطحابهم إلى المساجد ومشاركتهم للكبار فى الصلاة والعبادة وأعمال الخير، مع متابعة تنبيههم على المحافظة على آداب المساجد والآداب الإجتماعية بوجه عام.

وقد حدث أن النبى صلى الله عليه وسلم أخذ الحسن معه إلى المسجد فكان يركب على ظهره وهو ساجد فى الصلاة فيطيل السجود رحمة به، كما جاء في روايات لأحمد والنسائي والحاكم وغيرهما، وحمل العلماء ذلك على ضمان ألا يكون فى دخولهم المسجد تشويش وعبث، أما ترك الأطفال يعبثون بدون رقابة فهو الممنوع.

وفي ذلك يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: يستحب بل يشرع الذهاب بالأولاد للمساجد إذا بلغ الولد سبعاً فأعلى، ويضرب عليها إذا بلغ عشراً، لأنه بذلك يتأهل للصلاة، ويعلم الصلاة، حتى إذا بلغ فإذا هو قد عرف الصلاة وإعتادها مع إخوانه المسلمين، أما الأطفال الذين دون السبع فالأولى أن لا يذهب بهم لأنهم قد يضايقون الجماعة، ويشوشون على الجماعة، ويلعبون، فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المسجد، لأنه لا تشرع لهم الصلاة، وأما حديث: «جنبوا المساجد صبيانكم» فهو حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يؤمر الصبيان بالحضور إلى الصلاة إذا بلغوا سبعاً فأكثر، حتى يعتادوا الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم للصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع»، فهذا فيه تشجيع للمؤمنين أن يحضروا أولادهم معهم حتى يعتادوا الصلاة، وحتى إذا بلغوا فإذا هم قد إعتادوها، وحضورها مع المسلمين فيكون ذلك أسهل وأقرب إلى محافظتهم عليها.

وخلاصة القول: أنه لما كان من طبيعة الأطفال -كما لا يخفى- أن يصدر منهم من الصراخ والحركة الزائدة، وأنه لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع صراخ الأطفال ولم يثبت عنه أنه منع من دخولهم المسجد، وعندما كان يسمع بكاء الصبي يخفف، فإن ذلك يدل على عدم منع الأطفال من حضور الخير والتعلم في المساجد، مع ضرورة أن يحرص الآباء مع توجيه الأبناء والأطفال بالإلتزام بالآداب الإسلامية والتحلي بها.

الكاتب: د. نايف بن جمعان الجريدان.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.